تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
تفاسير سور من القرآن
67038 مشاهدة
معنى قوله: سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ

...............................................................................


سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ هذا استئناف فكأن قائلا قال: وماذا بعد غفران الخطايا؟ قال: سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ السين للتنفيس وهو وعد صادق من الله.
واختلفت عبارات المفسرين في المراد بالمحسنين، ولا ينبغي أن يختلف فيه؛ لأن خير ما يفسر به كتاب الله بعد كتاب الله، سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ وقد فسر الْمُحْسِنِينَ تفسيرا ثابتا في الصحيح؛ فلا ينبغي العدول عنه لغيره.
وذلك ما هو مشهور في حديث جبريل لما جاء في صورة الأعرابي وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد ؛ أخبرني عن الإحسان. فقال صلى الله عليه وسلم: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
وقد قدمنا في هذه الدروس مرارا أن سؤال جبريل هذا؛ ليعلم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم معنى الإحسان، أنه سؤال عظيم محتاج إليه غاية الحاجة؛ وذلك أن الله جل وعلا بين في آيات من كتابه أن الحكمة التي خلق من أجلها خلقه وسماواته وأرضه هي أن يبتلي الخلق؛ أي يختبرهم في شيء واحد هو إحسانهم العمل؛ ليظهر من يحسن منهم عمله ومن لا يحسنه.
كما قال تعالى في أول سورة هود: خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ثم بين الحكمة وقال: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ولم يقل أيكم أكثر عملا. وقال في أول سورة الكهف: إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا ثم بين الحكمة بقوله: لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وقال في أول سورة الملك: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ ثم بين الحكمة فقال: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا .
فاتضح بهذه الآيات أن الإحسان هو الذي خلقتم من أجل الابتلاء فيه. ولا ينافي هذا قوله: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ؛ أي إلا لآمرهم بالعبادة على ألسنة رسلي، فأبتلي محسنهم من غير محسنهم كما لا يخفى.
صار الإحسان محتاجا إلى معرفته؛ لذا سأل جبريل عنه وأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك والإحسان مصدر أحسن العمل يحسنه إحسانا؛ إذا جاء به حسنا متقنا لا نقص فيه ولا وصم، وإحسان العمل لا يمكن إلا بمراقبة خالق هذا الكون جل وعلا.
وقد قدمنا في هذه الدروس مرارا أن العلماء أجمعوا على أنه لم ينزل الله واعظا من السماء إلى الأرض، ولا زاجرا أكبر من واعظ المراقبة المعبر عنه هنا بالإحسان.
وقد ضرب العلماء لهذا مثلا؛ قالوا: لو فرضنا أن في هذا البراح من الأرض ملكا عظيم البطش شديد النكال، وسيافه قائم على رأسه، والنطع مبسوط، والسيف يقطر منه الدم؛ ولله المثل الأعلى.
وهذا الملك الذي هذا بطشه وشدته ينظر؛ أترى أن أحدا من الحاضرين يهتم بريبة مع بناته أو زوجاته أو نسائه؟ لا. كلهم خاشع الطرف ساكن الجوارح أمنيته السلامة. ولله المثل الأعلى؛ فرب العالمين أعظم اطلاعا وأشد بطشا، وحماه في أرضه محارمه. فمن لاحظ أن رب السماوات والأرض مطلع عليه، وأنه يرى كل ما يفعل إن كان عاقلا لابد أن يحاسب.
ولو علم أهل بلد أن أمير ذلك البلد بات مطلعا على كل ما يفعلون من القبائح والخسائس لكفوا عن كل ما لا ينبغي، ولم يرتكبوا إلا ما يجمل. ولله المثل الأعلى؛ فكيف بخالق السماوات والأرض الذي يعلم خطرات القلوب؟.
وكيف يجهل خطرات القلوب خالق خطرات القلوب؟. أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ .
معناه أن المحسنين الذين يراقبون الله، ويعبدونه كأنهم يرونه أن الله يزيدهم على هذه المراقبة وهذه النية وهذا الإحسان للعمل -يزيدهم أجرا على أجرهم.
وقد جاءت آية في سورة يونس تدل على أن إحسان العمل يزيد الله صاحبه النظر إلى وجهه الكريم، كما يأتي في تفسير قوله: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ فقد جاء في الصحيح أن المراد بالحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم.
وبذلك فسر بعض العلماء قوله تعالى في ق: لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ومعنى الآية أن المحسنين الذين يراقبون الله عند الأعمال فيعبدونه كأنهم يرونه يزيدهم أجرا. ولا مانع من أن يكون مما يزيدهم النظر إلى وجهه الكريم كما فسرت به آية يونس المذكورة آنفا. وهذا معنى قوله: سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ .